للأسف كثير من المتضررين من الاعلام الفاسد لديهم الملايين، بل المليارات، لكنهم يكتفون بالتفرج...والتحلطم؟
2010/12/13
2010/10/08
الصرافيون
للأسف...
هاهو "مستثقف" آخر يسقط.
هذه المرة "الدكتور والمفكر والعالم الأستاذ طارق حجي"، كما يلقبه الأستاذ أحمد الصراف، فما أن "زعل" حجي على الصراف، بسبب رسالة بعث بها الأخير في البريد الالكتروني، حتى أبرق له قائلا بفجاجة وعنصرية "لغتي راقية، سواء أعجبتك أو لم، فالأستاذ بقسم الدكتوراة بجامعة أكسفورد لا ينتظر شهادة من خليجي"؟
حسنا لنقل الأمر بصورة مختلفة؟
فلو افترضنا جدلا، خلافا بين مفكرين تقدميين، ينتميان إلى المعسكر المناهض للإمبريالية وصدام الحضارات، ويمثلان صفوة اليسار الأوروبي، الفرنسي ريجيس دوبرية، والسويسري جان زيغلر، فهل سيقول دوبرية لزميله زيغلر "لغتي راقية، سواء أعجبتك أو لم تعجبك، فالمفكر والمناضل ورفيق الثائر تشي غيفارا مثلي... لا ينتظر شهادة من سويسري"؟ هل يمكن أن نتوقع ردا "عنصريا" من مفكر حقيقي، خصوصا عندما يكون الحديث، كما يفترض، في أوساط من يسمون أنفسهم "مثقفين"؟ ويدّعون قيادة الحركة التنويرية في العالم العربي، كالسيد طارق حجي، وهل يعقل أن يصل إلى مستوى الحوار لهذا المستوى المبتذل، وإقصاء "الآخر" (الصراف) فقط بسبب انتمائه إلى إقليم بعينه، الخليج، وفق صورة نمطية مقولبة، تحض على الكراهية!
وماذا لو علمت جامعة أكسفورد التي يتباهى بها الدكتور حجي، أنه مجرد شخص عنصري؟ فهل سيستمر في العمل لديها؟ خصوصا في جامعة عريقة، درس فيها طلاب ينتمون إلى معظم دول العالم، وأخرجت للعالم مفكرين وعلماء وأساتذة كبارا في جميع التخصصات، منذ تأسيسها قبل أكثر من 900 عام، خصوصا وهو يتبجح بالقول" إن التعصب الديني والقومي والوطني والعرقي والأيديولوجي، كلها ظواهر ضد التقدم وضد الإنسانية".
إنها الازدواجية ذاتها عند معظم الانتلجنسيا العربية، بين الفكر والممارسة، التي نراها في وسائل الإعلام، تتحدث عن الليبرالية والعلمانية واحترام الآخر، وحق الاختلاف، لكنها سرعان ما تسقط في أول اختبار حقيقي، فتظهر النعرات الرجعية المتخلفة، والحقد المتأصل والكراهية، والتعصب القبلي والطائفي والمذهبي والمناطقي، والآن الاقليمي، الأمر الذي يؤكد نظرية "العربي القبيح والإعرابي البشع" للراحل غازي القصيبي، في وصفه لظاهرة التأييد العربي للاحتلال العراقي للكويت، والنظرة المتبادلة بين العرب لبعضهم، وفق نظرية المركز والاطراف، والحضر والبدو على الطريقة العربية.
مؤسف جدا أن يتعرض الكاتب الوديع أحمد الصراف لهذا النوع من الانكسارات، وأحسبه متأثر جدا بهذا الجزاء، من شخص مثل الدكتور طارق حجي، طالما رفعه الصراف ووضعه في مصاف العلماء وصفوة المفكرين، وقدمه للقارئ الكويتي بتقدير كبير، ومخجل جدا أن يرد حجي بطريقة ظالمة ومجحفة ومبتذلة، مهما كانت مكانته العلمية، واعتبار المنتمين لمنطقة للخليج لا يستحقون الاحترام.
المؤلم، أن الدكتور حجي، اختار شخصا في مكانة أستاذنا العزيز الصراف، رجل موقر ومحترم، ومناضل من أجل حقوق الانسان، مثقف تنويري، مناهض للتخلف والعنصرية والظلم، علماني حقيقي، وصاحب فكر كوني، واجه الكثير من النقد والهجوم بسبب مواقفه العادلة، خصوصا لصالح المرأة المسلمة المستلبة، وتصدى للطغاة... صغارا وكبارا، ولأصحاب النفوذ، من رجال الدين، والتجار، والطائفيين والقبليين والعنصريين، ومدعي الليبرالية، يؤمن بالتعددية ويحترم الاختلاف، ويشرفني، والكثيرين، اعتباره أستاذا لنا في الحضارة والعلمانية، أخلاقا وعلما، واعتبر نفسي من جيل "الصرافيين"...نسبة لهذا الإنسان العظيم.
2010/09/19
ثلاثة مقالات وثلاث رصاصات قتلت سردشت عثمان
أثار اغتيال الصحفي الشاب الكردي والطالب في جامعة صلاح الدين بأربيل سردشت عثمان موجة غضب وأحتجاج كبيرة في اقليم كردستان وفي العراق والخارج
.
ونددت بالأغتيال منظمات صحفية كردية وعراقية ودولية . فمن كثرة مايتعرض له صحفيو اقليم كردستان خصوصا والعراق عموما من اغتيالات واعتقالات وتهديدات ومضايقات أصبح يضرب بهم المثل عن ضحايا الأضطهاد وسلب الحريات الصحفية في العالم .
وسردشت عثمان الطالب في السنة الرابعة جامعية والذي يقوم فضلا عن مقالاته التي تنبيء عن موهبة صحفية كبيرة ونباهة سياسية يقوم بترجمة الموضوعات من الأنكليزية للكردية هذا الصحفي الشاب الموهوب اصبح في حياته وبعد أغتياله نموذجا للحرية القتيلة ولللآمال الذبيحة في كردستان التي تتحكم بها الدكتاتورية العائلية والعشائرية والحزبية وهذا هو شأن الحكم الذي قام في العراق بعد غزوه واحتلاله من قبل جيوش الأستعمار العالمي ومرتزقته .
اختطف الصحفي الشاب سردشت عثمان من قبل "مجهولين" وليسوا بمجهولين بينما كان يهم بدخول جامعته "صلاح الدين" بأربيل، عاصمة اقليم كردستان التي يقال عنها انها اكثر عواصم العالم امنا ! واقتيد من قبل الخاطفين "امام انظار الطلاب في الثامنة والنصف صباحا و قبل نصف ساعة من محاضرة كان يتجه لحضورها , وفي صباح اليوم وجدوا جثته مرمية في المحافظة المجاورة الموصل "مقيد اليدين وعليها آثار الطلقات النارية , كان من المفترض ان ينهي دراسته الجامعية بعد شهر لينال الليسانس من كلية اللغات في جامعة صلاح الدين في أربيل .. لكن القتلة حرموه ليس من التخرج او النبوغ في المهنة الصحفية انما حرموه من الحياة لكي لايفضح الشر ولايكشف السيء المستور ولايتكلم عن الفساد المسكوت عنه .
وقد تداولت وسائل الأعلام ومواقع كثيرة على الأنترنيت قصة اغتيال سردشت عثمان رمز الصحافة الكردية الحرة ونبراس الصحفيين الأكراد المدافعين حقا عن الحرية والديموقراطية , ونشرت ترجمة لمقالاته الثلاثة التي اتفق الجميع انها هي التي قتلته . لآن الحقيقة تقتل قائلها في زمن الدكتاتورية والعبودية . وكل مقال تصبح قيمته رصاصة واحدة من قبل جلاوزة الدكتاتور وأرباب الفساد . لنقرأ المقالات ونسأل من قتل سردشت عثمان ؟
** المقال الاول :
انا اعشق بنت مسعود البرزاني
(نشر في 13/12/2009 في موقع كوردستان بوست)
انا اعشق بنت مسعود البرزاني. هذا الرجل الذي يظهر من شاشة التلفزيون ويقول انا رئيسك. لكنني اود ان يكون هو (حماي) اي والد زوجتي.، اي انني ريد ان اكون عديلا لنيجيرفان البرزاني. حين اصبح صهرا للبرزاني سيكون شهر عسلنا في باريس، ونزور قصر عمنا لبضعة ايام في امريكا. سانقل بيتي من حيّينا الفقير في مدينة اربيل الى مصيف (سري رش) حيث تحرسني ليلا كلاب امريكا البوليسية وحراس اسرائيلييون.
والدي الذي هو من (بيشمركة) ايلول القدامى، والذي يرفضه الحزب الديمقراطي الكردستاني الى اليوم تقديم خدمات التقاعد له بسبب انه ليس ضمن صفوف الحزب في الوقت الحالي، ساجعله وزيرا للبيشمركة.
اخي الذي تخرج من الكلية، وهو الآن عاطل عن العمل ويريد الذهاب الى الخارج كلاجئ، ساعيّنه كمسؤول لحرسي الخاص. امّا اختي التي مازالت تستحي ان تذهب الى السوق عليها ان تسوق افخر السيارات مثل بنات العشيرة البرزانية. و أمي التي تعاني امراض القلب والسكر وضغط الدم ولاتملك المال للعلاج خارج الوطن، ساجلب لها طبيبين ايطاليين خاصين بها في البيت. وسافتح لاعمامي دور ضيافة واعيّن ابناء عمومتي واخوالي نقباء و عمداء الوية في الجيش. لكن اصدقائي يقولون لي "سرو" (تصغير اسم سردشت-المترجم) دع عنك هذا الامر فهذه عائلة الملا (يقصد الكاتب عائلة ملا مصطفى البرزاني والد مسعود-المترجم) ما ان قالوا انتهى امرك حتى صار قتلك حتمياً. لكنني لست اكفر. احلف بمقبض خنجر ملا مصطفى البرزاني ان والدي قضى ثلاثة ليالي متوالية في احد الجبال مع ادريس البرزاني ابن الملا. لذلك فما الضير ان يقول مسعود البرزاني انا رئيسكم؟ ولكن فليقل الرئيس كم مرة زار حيّاً من احياء اربيل و السليمانية منذ ثمانية عشر عاما وهو رئيسنا؟
ولكن مشكلتي هي ان هذا الرجل عشائري الى درجة لا يحسب اي حساب لاي رجل خارج حدود مصيف سري رش. بنقرة واحدة في شبكة الانترنيت استطيع ان اجد كل زوجات رؤساء العالم لكنني لا اعرف الى الآن كيف هي حماتي؟ (يقصد الكاتب زوجة مسعود البرزاني-المترجم).
لا اعرف اطلب من مَن ليرافقني لطلب الزواج؟
في البداية قلت اصطحب عددا من الملالي والشيوخ المسنين والبيشمركة القدامى بعد التوكل على الله سنتقدم للخطبة في امسية ما. لكن صديقا لي وهو صحفي قال لي: (ابحث عن الجحوش والخونة الذين قاموا بعمليات الانفال واصطحبهم معك لان مسعود البرزاني يحب جدا امثال هؤلاء). لكن صديقا آخر قال (اذا تسمع كلامي اقترب من نيجيرفان البرزاني في مؤتمر صحفي واهمس في اذنه انك وراء مهمة خيرية. او اذا لم تستطع فاسأل (دشنى-مطربة كوردية على النسق الاوروبي) ان تدبر لك هذا لامر، فهي تلتقي بهم كثيرا (بعائلة البرزاني-المترجم).
** المقال الثاني :
الرئيس ليس إلها ولا ابنته
(نشر في موقع كوردستان بوست في 2/1/2010)
هنا بلدٌ لا يسمح لك ان تسأل كم هو مرتب الرئيس الشهري؟ لا يسمح لك ان تسأل الرئيس لماذا اعطيت كل هذه المناصب الحكومية والعسكرية لابنائك واحفادك واقاربك؟ من اين اتى احفادك بكل هذه الثروة؟ اذا استطاع احد ان يطرح هذه الاسئلة فانه قد اخترق حدود الامن القومي وعرّض نفسه لرحمة بنادقهم واقلامهم. وبالنسة لي بما انني ذكرت في احدى مقالاتي بنت الرئيس، فانني بذلك تجاوزت الخط الاحمر للوطن والاخلاق والادب الاعلامي. ان ديمقراطية هذا البلد هي هكذا، ممنوع التعرض الى اليشماغات الحمراء (تلك التي يضع رجال عشيرة البرزاني على رؤوسهم –المترجم-) والاعصبة، ان فعلت ذلك فلدى القوم حلول نعرفها جميعا. لا اعلم هل بنت رئيسنا راهبة لا ينبغي لاحد ان يعشقها، ام انها مقدسة لا بد ان تبقى ايضا رمزا وطنيا؟
تُرى ما هي مخاطر كتابة كوميدية عن الرئيس؟ جميعنا شاهد فيلم شارلي شابلن الدكتاتور العظيم الذي عرض الآما عظيمة عن طريق الكوميديا.
الكثير من الرسائل الالكترونية التي وصلتني كانت تهددني وتطلب مني ان انشر صورتي وعنواني، كأنني لو كنت سائق سيارة لم يقف عند الاشارة الحمراء. لقد بعثت بصورتي الى هؤلاء الاصدقاء، ولا اعلم ماذا يريدون من صورتي؟
لكن هذه المقالة هي جواب على مقالة احدهم تجرّأ ان يكتب مقالة للرد عليّ، منتحلا اسم فتاة. قبل كل شئ ابارك له انه تجرّأ على ان يرد عليّ. ولكن رجائي من هذا الشخص ان لا يعرّفني (كـ ـ نوشيرواني ـ نسبة الى زعيم حركة التغيير المعارضة نوشيروان مصطفى- المترجم) بل كشاب من شباب هذا البلد. صحيح انني اعطيت صوتي لقائمة التغيير في الانتخابات، وكنت من انصارها الجدّيين واجمع لها الاصوات في المجالس والندوات. لكن كل هذا كان بدافع مبدأ هو: (اننا رابحون حتى ولو بدلنا الشيطان بتلاميذه). اما انت –كما الجميع- كنت قد طلبت مني صورتي الشخصية واسمي الحقيقي، كنت اود ان ابعث لك صورتي وكن على يقين ان اسمي ليس مستعارا، ولكنك لم تضع عنوان بريدك الالكتروني في مقالك حتى ابعث لك ما طلبت. منذ الآن فصاعدا انا كأي شاب لا مبالي في ازقة وشوارع مدينة اربيل، عاصي عن كل اصنام وتماثيل السلطة، ننتظر مثل النبي ابراهيم الفرصة لنكسرها كلها. هذا المقال هو جواب على مقالة نشرت في موقع كوردستان نيت لاحدهم ادعى ان اسمه (افين) تحت عنوان: جواب لاحد الشاتمين في موقع كوردستان بوست.
** المقال الثالث :
اول اجراس قتلي دقت
(نشر في موقع كوردستان بوست في 21/1/2010)
في الايام القليلة الماضية قيل لي انه لم يبق لي في الحياة الا القليل، و كما قالوا ان فرصة تنفسي الهواء اصبحت معدومة. لكنني لا ابالي بالموت او التعذيب. سأنتظر حتفي وموعد اللقاء الاخير مع قتلتي. وادعو ان يعطونني موتا تراجيديا يليق بحياتي التراجيدية. اقول هذا حتى تعلموا كم يعاني شباب هذه البلاد وان الموت هو ابسط اختياراتهم. حتى تعلموا ان الذي يخيفنا هو الاستمرار في الحياة وليس الموت. وهمي الاكبر هو اخوتي الصغار وليس نفسي. ما يقلقني في هذه التهديدات هو ان هناك الكثير الذي لابد ان يقال قبل ان نرحل. مأساة هذه السلطة هي انها لا تبالي بموت ابنائها.
أمس اخبرت عميد كليتي انني قبل يوم تعرضت للاهانة والتهديد بالقتل. ولكنه قال لي ان هذه مشكلة تخص البوليس. لا اعلم هل هناك جامعة في العالم يهدد احد تلامذتها بالقتل ثم لا تبالي بذلك وتجلس بكل راحة في صلافتها وانحطاطها؟ كان على عميد كليتي ان يجعل هذه المشكلة تخصه او تخص الجامعة لانني جزء منها. لكنني لم اصدم لانني اعلم منذ وقت طويل ان جامعات هذا البلد ليست بيوت اطمئناننا.
بعد هذا اتصلت بالعميد عبدالخالق مدير البوليس في اربيل. قال لي: "ان رقم التلفون الذي هددك قد يكون من الخارج، او ربما مشكلة شخصية. قد تتكرر التهديدات لكن مدينة اربيل آمنة ولن تحدث مشاكل من هذا النوع". بابتسامة ساخرة كنت اتخيل عما اذا كان ساركوزي هو الذي هددني، لكنني كيف ائمن على حياتي واحد اصدقائي تعرض قبل ايام للضرب والاهانة بسبب عدة مقالات نشرها قبل فترة، اجبر على اثرها ترك هذه المدينة؟
فليحدث ما يحدث، لانني لن اترك هذه المدينة وساجلس في انتظار موتي. انا اعلم ان هذا هو اول اجراس الموت، وسيكون في النهاية جرس الموت لشباب هذا الوطن. ولكنني هذه المرة لن اشتكي ولن ابلغ السلطات المسؤولة. انها خطوة خطوتها بنفسي وانا بنفسي اتحمل وزرها. لذلك فمنذ الآن فصاعداً افكر ان الكلمات التي اكتبها هي آخر كلمات حياتي. لهذا ساحاول ان اكون صادقا في اقوالي بقدر صدق السيد المسيح. وانا سعيد ان لدي دائما ما اقوله وهناك دوما اناس لا يسمعون. ولكننا كلما تهامسنا بدء القلق يساورهم. الى ان نبقى احياء علينا ان نقول الحق. واينما انتهت حياتي فليضع اصدقائي نقطة السطر، وليبدءوا هم بسطر جديد.
يردشت عثمان
ونددت بالأغتيال منظمات صحفية كردية وعراقية ودولية . فمن كثرة مايتعرض له صحفيو اقليم كردستان خصوصا والعراق عموما من اغتيالات واعتقالات وتهديدات ومضايقات أصبح يضرب بهم المثل عن ضحايا الأضطهاد وسلب الحريات الصحفية في العالم .
وسردشت عثمان الطالب في السنة الرابعة جامعية والذي يقوم فضلا عن مقالاته التي تنبيء عن موهبة صحفية كبيرة ونباهة سياسية يقوم بترجمة الموضوعات من الأنكليزية للكردية هذا الصحفي الشاب الموهوب اصبح في حياته وبعد أغتياله نموذجا للحرية القتيلة ولللآمال الذبيحة في كردستان التي تتحكم بها الدكتاتورية العائلية والعشائرية والحزبية وهذا هو شأن الحكم الذي قام في العراق بعد غزوه واحتلاله من قبل جيوش الأستعمار العالمي ومرتزقته .
اختطف الصحفي الشاب سردشت عثمان من قبل "مجهولين" وليسوا بمجهولين بينما كان يهم بدخول جامعته "صلاح الدين" بأربيل، عاصمة اقليم كردستان التي يقال عنها انها اكثر عواصم العالم امنا ! واقتيد من قبل الخاطفين "امام انظار الطلاب في الثامنة والنصف صباحا و قبل نصف ساعة من محاضرة كان يتجه لحضورها , وفي صباح اليوم وجدوا جثته مرمية في المحافظة المجاورة الموصل "مقيد اليدين وعليها آثار الطلقات النارية , كان من المفترض ان ينهي دراسته الجامعية بعد شهر لينال الليسانس من كلية اللغات في جامعة صلاح الدين في أربيل .. لكن القتلة حرموه ليس من التخرج او النبوغ في المهنة الصحفية انما حرموه من الحياة لكي لايفضح الشر ولايكشف السيء المستور ولايتكلم عن الفساد المسكوت عنه .
وقد تداولت وسائل الأعلام ومواقع كثيرة على الأنترنيت قصة اغتيال سردشت عثمان رمز الصحافة الكردية الحرة ونبراس الصحفيين الأكراد المدافعين حقا عن الحرية والديموقراطية , ونشرت ترجمة لمقالاته الثلاثة التي اتفق الجميع انها هي التي قتلته . لآن الحقيقة تقتل قائلها في زمن الدكتاتورية والعبودية . وكل مقال تصبح قيمته رصاصة واحدة من قبل جلاوزة الدكتاتور وأرباب الفساد . لنقرأ المقالات ونسأل من قتل سردشت عثمان ؟
** المقال الاول :
انا اعشق بنت مسعود البرزاني
(نشر في 13/12/2009 في موقع كوردستان بوست)
انا اعشق بنت مسعود البرزاني. هذا الرجل الذي يظهر من شاشة التلفزيون ويقول انا رئيسك. لكنني اود ان يكون هو (حماي) اي والد زوجتي.، اي انني ريد ان اكون عديلا لنيجيرفان البرزاني. حين اصبح صهرا للبرزاني سيكون شهر عسلنا في باريس، ونزور قصر عمنا لبضعة ايام في امريكا. سانقل بيتي من حيّينا الفقير في مدينة اربيل الى مصيف (سري رش) حيث تحرسني ليلا كلاب امريكا البوليسية وحراس اسرائيلييون.
والدي الذي هو من (بيشمركة) ايلول القدامى، والذي يرفضه الحزب الديمقراطي الكردستاني الى اليوم تقديم خدمات التقاعد له بسبب انه ليس ضمن صفوف الحزب في الوقت الحالي، ساجعله وزيرا للبيشمركة.
اخي الذي تخرج من الكلية، وهو الآن عاطل عن العمل ويريد الذهاب الى الخارج كلاجئ، ساعيّنه كمسؤول لحرسي الخاص. امّا اختي التي مازالت تستحي ان تذهب الى السوق عليها ان تسوق افخر السيارات مثل بنات العشيرة البرزانية. و أمي التي تعاني امراض القلب والسكر وضغط الدم ولاتملك المال للعلاج خارج الوطن، ساجلب لها طبيبين ايطاليين خاصين بها في البيت. وسافتح لاعمامي دور ضيافة واعيّن ابناء عمومتي واخوالي نقباء و عمداء الوية في الجيش. لكن اصدقائي يقولون لي "سرو" (تصغير اسم سردشت-المترجم) دع عنك هذا الامر فهذه عائلة الملا (يقصد الكاتب عائلة ملا مصطفى البرزاني والد مسعود-المترجم) ما ان قالوا انتهى امرك حتى صار قتلك حتمياً. لكنني لست اكفر. احلف بمقبض خنجر ملا مصطفى البرزاني ان والدي قضى ثلاثة ليالي متوالية في احد الجبال مع ادريس البرزاني ابن الملا. لذلك فما الضير ان يقول مسعود البرزاني انا رئيسكم؟ ولكن فليقل الرئيس كم مرة زار حيّاً من احياء اربيل و السليمانية منذ ثمانية عشر عاما وهو رئيسنا؟
ولكن مشكلتي هي ان هذا الرجل عشائري الى درجة لا يحسب اي حساب لاي رجل خارج حدود مصيف سري رش. بنقرة واحدة في شبكة الانترنيت استطيع ان اجد كل زوجات رؤساء العالم لكنني لا اعرف الى الآن كيف هي حماتي؟ (يقصد الكاتب زوجة مسعود البرزاني-المترجم).
لا اعرف اطلب من مَن ليرافقني لطلب الزواج؟
في البداية قلت اصطحب عددا من الملالي والشيوخ المسنين والبيشمركة القدامى بعد التوكل على الله سنتقدم للخطبة في امسية ما. لكن صديقا لي وهو صحفي قال لي: (ابحث عن الجحوش والخونة الذين قاموا بعمليات الانفال واصطحبهم معك لان مسعود البرزاني يحب جدا امثال هؤلاء). لكن صديقا آخر قال (اذا تسمع كلامي اقترب من نيجيرفان البرزاني في مؤتمر صحفي واهمس في اذنه انك وراء مهمة خيرية. او اذا لم تستطع فاسأل (دشنى-مطربة كوردية على النسق الاوروبي) ان تدبر لك هذا لامر، فهي تلتقي بهم كثيرا (بعائلة البرزاني-المترجم).
** المقال الثاني :
الرئيس ليس إلها ولا ابنته
(نشر في موقع كوردستان بوست في 2/1/2010)
هنا بلدٌ لا يسمح لك ان تسأل كم هو مرتب الرئيس الشهري؟ لا يسمح لك ان تسأل الرئيس لماذا اعطيت كل هذه المناصب الحكومية والعسكرية لابنائك واحفادك واقاربك؟ من اين اتى احفادك بكل هذه الثروة؟ اذا استطاع احد ان يطرح هذه الاسئلة فانه قد اخترق حدود الامن القومي وعرّض نفسه لرحمة بنادقهم واقلامهم. وبالنسة لي بما انني ذكرت في احدى مقالاتي بنت الرئيس، فانني بذلك تجاوزت الخط الاحمر للوطن والاخلاق والادب الاعلامي. ان ديمقراطية هذا البلد هي هكذا، ممنوع التعرض الى اليشماغات الحمراء (تلك التي يضع رجال عشيرة البرزاني على رؤوسهم –المترجم-) والاعصبة، ان فعلت ذلك فلدى القوم حلول نعرفها جميعا. لا اعلم هل بنت رئيسنا راهبة لا ينبغي لاحد ان يعشقها، ام انها مقدسة لا بد ان تبقى ايضا رمزا وطنيا؟
تُرى ما هي مخاطر كتابة كوميدية عن الرئيس؟ جميعنا شاهد فيلم شارلي شابلن الدكتاتور العظيم الذي عرض الآما عظيمة عن طريق الكوميديا.
الكثير من الرسائل الالكترونية التي وصلتني كانت تهددني وتطلب مني ان انشر صورتي وعنواني، كأنني لو كنت سائق سيارة لم يقف عند الاشارة الحمراء. لقد بعثت بصورتي الى هؤلاء الاصدقاء، ولا اعلم ماذا يريدون من صورتي؟
لكن هذه المقالة هي جواب على مقالة احدهم تجرّأ ان يكتب مقالة للرد عليّ، منتحلا اسم فتاة. قبل كل شئ ابارك له انه تجرّأ على ان يرد عليّ. ولكن رجائي من هذا الشخص ان لا يعرّفني (كـ ـ نوشيرواني ـ نسبة الى زعيم حركة التغيير المعارضة نوشيروان مصطفى- المترجم) بل كشاب من شباب هذا البلد. صحيح انني اعطيت صوتي لقائمة التغيير في الانتخابات، وكنت من انصارها الجدّيين واجمع لها الاصوات في المجالس والندوات. لكن كل هذا كان بدافع مبدأ هو: (اننا رابحون حتى ولو بدلنا الشيطان بتلاميذه). اما انت –كما الجميع- كنت قد طلبت مني صورتي الشخصية واسمي الحقيقي، كنت اود ان ابعث لك صورتي وكن على يقين ان اسمي ليس مستعارا، ولكنك لم تضع عنوان بريدك الالكتروني في مقالك حتى ابعث لك ما طلبت. منذ الآن فصاعدا انا كأي شاب لا مبالي في ازقة وشوارع مدينة اربيل، عاصي عن كل اصنام وتماثيل السلطة، ننتظر مثل النبي ابراهيم الفرصة لنكسرها كلها. هذا المقال هو جواب على مقالة نشرت في موقع كوردستان نيت لاحدهم ادعى ان اسمه (افين) تحت عنوان: جواب لاحد الشاتمين في موقع كوردستان بوست.
** المقال الثالث :
اول اجراس قتلي دقت
(نشر في موقع كوردستان بوست في 21/1/2010)
في الايام القليلة الماضية قيل لي انه لم يبق لي في الحياة الا القليل، و كما قالوا ان فرصة تنفسي الهواء اصبحت معدومة. لكنني لا ابالي بالموت او التعذيب. سأنتظر حتفي وموعد اللقاء الاخير مع قتلتي. وادعو ان يعطونني موتا تراجيديا يليق بحياتي التراجيدية. اقول هذا حتى تعلموا كم يعاني شباب هذه البلاد وان الموت هو ابسط اختياراتهم. حتى تعلموا ان الذي يخيفنا هو الاستمرار في الحياة وليس الموت. وهمي الاكبر هو اخوتي الصغار وليس نفسي. ما يقلقني في هذه التهديدات هو ان هناك الكثير الذي لابد ان يقال قبل ان نرحل. مأساة هذه السلطة هي انها لا تبالي بموت ابنائها.
أمس اخبرت عميد كليتي انني قبل يوم تعرضت للاهانة والتهديد بالقتل. ولكنه قال لي ان هذه مشكلة تخص البوليس. لا اعلم هل هناك جامعة في العالم يهدد احد تلامذتها بالقتل ثم لا تبالي بذلك وتجلس بكل راحة في صلافتها وانحطاطها؟ كان على عميد كليتي ان يجعل هذه المشكلة تخصه او تخص الجامعة لانني جزء منها. لكنني لم اصدم لانني اعلم منذ وقت طويل ان جامعات هذا البلد ليست بيوت اطمئناننا.
بعد هذا اتصلت بالعميد عبدالخالق مدير البوليس في اربيل. قال لي: "ان رقم التلفون الذي هددك قد يكون من الخارج، او ربما مشكلة شخصية. قد تتكرر التهديدات لكن مدينة اربيل آمنة ولن تحدث مشاكل من هذا النوع". بابتسامة ساخرة كنت اتخيل عما اذا كان ساركوزي هو الذي هددني، لكنني كيف ائمن على حياتي واحد اصدقائي تعرض قبل ايام للضرب والاهانة بسبب عدة مقالات نشرها قبل فترة، اجبر على اثرها ترك هذه المدينة؟
فليحدث ما يحدث، لانني لن اترك هذه المدينة وساجلس في انتظار موتي. انا اعلم ان هذا هو اول اجراس الموت، وسيكون في النهاية جرس الموت لشباب هذا الوطن. ولكنني هذه المرة لن اشتكي ولن ابلغ السلطات المسؤولة. انها خطوة خطوتها بنفسي وانا بنفسي اتحمل وزرها. لذلك فمنذ الآن فصاعداً افكر ان الكلمات التي اكتبها هي آخر كلمات حياتي. لهذا ساحاول ان اكون صادقا في اقوالي بقدر صدق السيد المسيح. وانا سعيد ان لدي دائما ما اقوله وهناك دوما اناس لا يسمعون. ولكننا كلما تهامسنا بدء القلق يساورهم. الى ان نبقى احياء علينا ان نقول الحق. واينما انتهت حياتي فليضع اصدقائي نقطة السطر، وليبدءوا هم بسطر جديد.
يردشت عثمان
Subscribe to:
Posts (Atom)